بسم الله الرحمن الرحيم
الاخوة الأحباب:السلام عليكم و رحمة الله و بركاته...
كتب أخي الحبيب حامد حسن موضوعا هاما في منتدى المرئيات عن تسجيلات العزاء التى يعلو فيها صوت الناس و خص بالذكر بعض تسجيلات عزاء الشيخ الشحات أنور رحمه الله... و لذلك أردت التنبيه على أمور يغفل عنها الكثيرون خصوصا الشباب ...و في البداية أرصد الداء ثم في النهاية أحدد الدواء...
الداء العضال:عدم معرفة قدر كتاب الله تعالى و كلامه:
نحن اتخذنا كتاب الله غناء و ألحانا و لم نتخذه كتاب عظة و اعتبار كما أنزله الله تعالى...نحن اتخذنا كتاب الله مهجورا...هجرنا معانيه و هجرنا عظاته و هجرنا أحكامه...فماذا بقى؟
كثير من الناس يتخذون القارئ بديلا للمغني أو المطرب ...وليس من أجل الغناء و الألحان نزل القرآن...و إنما نزل من أجل الخشوع و الاعتبار...هذا الكتاب الذى أخبر رب العزة سبحانه أنه لو نزل على الجبال لخشعت و تصدعت من خشية الله...فوالله لنحن أقسى قلوبا من الحجارة...
هل ترى أحدا ممن يتصايحون و يهللون ويصفقون و يتضاحكون عند تلاوة القرآن في مأتم أو في مسجد يخشع لكلام الله الأعظم؟ أبدا و الله...إنهم لم يأتوا لعزاء ولا لاعتبار: فتراهم يتصايحون و يهللون و يصفقون و يضحكون كما لو كانوا في ملهى ليلي أو في سوق...كأنهم لن يكونوا يوما مكان الميت صاحب المأتم...كأنهم لن يدخلوا المسجد جثة هامدة لا تستطيع الصياح ليصلى عليهم قبل دفنهم في التراب...هؤلاء لا يخافون الله تعالى...دليل ذلك أن الله ذكر صفات من يخشونه فقال:"الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم و قلوبهم إلى ذكر الله"(الزمر-23)...فهل ترى في هؤلاء المتصايحين و المتضاحكين أى صفة من صفات من يخشون ربهم؟...
هذا وضع خطير و مؤسف...و يرتبط بذلك أيضا ارتفاع الأصوات في المساجد عندما يقرأ القارئ...و من المعلوم أن من أمارات الساعة ارتفاع الأصوات في المساجد كما أخبر الصادق المصدوق صلى الله عليه و سلم...و قد وصلنا إلى هذا الوضع المزرى...فانتظروا الساعة قريبا...
وبعد ذلك يتساءل الناس لماذا ندعو فلا يستجاب لنا و لماذا صرنا أذل و أضعف الأمم و لماذا تحكم فينا أعداؤنا و تسلطوا علينا...
احذر أخي المسلم أن تكون ممن وصفهم و حذر منهم الصحابي العالم الجليل معاذ بن جبل رضي الله تعالى عنه إذ يقول:"سيبلى القرآن في صدور أقوام كما يبلى الثوب فيتهافت...يقرؤونه لا يجدون له شهوة و لا لذة...يلبسون جلود الضأن على قلوب الذئاب...أعمالهم طمع لا يخالطهم خوف...إن قصدوا قالوا:سنبلغ؛و إن أساءوا قالوا:سيغفر لنا...إنا لا نشرك بالله شيئا"(أخرجه أبو محمد الدارمي في سننه)
و المعنى أن القرآن ستفنى حلاوته و لذته و جلاله و هيبته و خشوعه و أحكامه و عظاته من صدور أقوام كما يفنى الثوب المهترئ فيتساقط قطعة تلو أخرى...يقرؤونه فلا يجدون خشوعا و لا لذة في تلاوته...يتظاهرون للناس بأنهم ودعاء كالحملان؛و قلوبهم قلوب الذئاب...أعمالهم كلها طمع ؛لا تعرف خشية الله طريقا إليهم...إن اعتدل عملهم مرة قالوا:عملنا هذا سيوصلنا إلى الجنة؛و إن أساءوا في أعمالهم قالوا:سيغفر الله لنا لأننا لا نشرك بالله شيئا...
و لذلك ينبغي على كل مسلم و على الاخوة الأحباب أعضاء المنتدى أن يقدروا كلام ربهم أكثر من تقديرهم لقارئهم المفضل و يعظموا كتاب ربهم أكثر من احتفائهم بتلاوات قارئهم المحبب...فوالله لولا كتاب الله ما كان لأى قارئ أى ذكرأبدا...
الدواء الناجع:أمور قليلة تفعلها تدل على تعظيمك لكتاب الله سبحانه تنجو بها بإذنه من مهالك يوم القيامة:
1-لا تضع تلاوات تالفة أو بها عيب أو مبتورة أو سيئة الجودة...فإن كنت ترجو الثواب فاعلم أنك قبل أن تقدم التلاوة لاخوانك فإنك تقدمها إلى رب العزة تبارك و تعالى...و الله لا يقبل الردئ و إنما يقبل الطيب...
2-إذا وجدت تلاوة يعلو فيها صوت الناس المتصايحين على صوت القارئ الذى يتلو كلام الله فلا تضعها ...إن الله تعالى نهى عن رفع الصوت فوق صوت النبي صلى الله عليه و سلم و جعل ذلك محبطا للعمل فقال عز و جل:"يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي و لا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم و أنتم لا تشعرون"(الحجرات-2)
فالله تعالى حرم رفع الصوت فوق صوت النبي صلى الله عليه و سلم...فما بالك بمن يرفع صوته فوق صوت رب الأرباب و مالك الرقاب؟
3-لا تذكر تعليقا على تلاوة فيه إساءة للأدب مع كلام الله تعالى...و ما أكثر التعليقات المسيئة على شاكلة تشبيه التلاوات بالقنابل و الصواريخ و أسلحة الدمار الشامل ووصف التلاوات بأنها تهبل و تجنن و تسطل....إلى آخره ...وما أكثر ما رأينا من مثل هذه التعليقات الرديئة ...و اعلم أن رب العزة سبحانه يقول:"ذلك و من يعظم حرمات الله فهو خير له عند ربه"(الحج-30)و يقول:"ذلك و من يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب"(الحج-32)
هذه نصيحة و تذكير...فهل من مدكر؟
اللهم علمنا ما جهلنا و انفعنا بما علمتنا و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين...
::
السبت مارس 22, 2008 12:24 pm